الشلل الدماغي
* ما هو الشلل الدماغي؟ الشلل الدماغي ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو مجموعة من الأعراض الناتجة عن اختلال غير متطور في الجهاز العصبي. يؤثر هذا الاختلال على وظائف الخلايا الدماغية نتيجة لتلف حدث أثناء الولادة أو بعدها، مما يؤدي إلى تغييرات وقصور في وظائف الدماغ. على الرغم من أن الإصابة التي تسبب ظهور أعراض الشلل الدماغي لا تتطور، إلا أن مستوى الإعاقة لدى المصابين قد يتغير مع نموهم. يؤثر الشلل الدماغي على العديد من جوانب جسم الإنسان، بدءًا من البنية العضلية وصولًا إلى وظائف الحركة والأعضاء الداخلية. عندما يحدث ضرر في الدماغ، فإنه لا يتفاقم، على الرغم من أن الأعراض قد تتغير مع نمو الطفل ونضوجه. يعتبر التلف الذي يصيب خلايا الدماغ ثابتًا، أي أنه لا يتدهور أثناء الولادة أو بعدها، ولا يتفاقم مع تقدم عمر الطفل. يمكن أن يكون الشلل الدماغي بسيطًا بحيث يصعب ملاحظته وتمييزه عن الشخص العادي، أو قد يكون متوسطًا أو شديدًا، مما يؤدي إلى نتائج سلبية. عادةً ما يُصيب الشلل الدماغي الأطفال منذ الولادة، وقد تظهر أعراضه في سن 2-3 سنوات، مثل صعوبات التعلم، ومشاكل في الرؤية والكلام والسمع، بالإضافة إلى اضطرابات في ردود الفعل أو تصلب في الأطراف أو الجذع. يُعتبر الشلل الدماغي حالة تصيب حوالي 2 إلى 3 من كل 1,000 رضيع، وخاصةً الخُدَّج الذين وُلدوا قبل الأسبوع 28 من الحمل. * أسباب الشلل الدماغي: ينجم الشلل الدماغي عن نمو غير طبيعي للدماغ أو تعرضه للتلف خلال مراحل النمو. وغالبًا ما يحدث ذلك قبل ولادة الطفل، لكنه قد يحدث أيضًا أثناء الولادة أو في مرحلة مبكرة من الرضاعة. ومع ذلك، فإن السبب الدقيق في معظم الحالات لا يكون معروفًا. يمكن أن تسهم عدة عوامل في حدوث تغييرات في نمو الدماغ، ومنها ما يلي: 1- التغيرات الجينية التي تؤدي إلى حالات أو اختلافات وراثية في نمو الدماغ. 2- عدوى من الأم تصيب الجنين. مثل الحصبة الالمانية أو داء المُقَوَّسَات أو عدوى فيروس زيكا أو عدوى الفيروس المضخم للخلايا 3- سكتة دماغية، تقطع إمداد الدم إلى الدماغ أثناء نموه. 4- نزيف في دماغ الجنين أو الطفل حديث الولادة. 5- عدوى الرضيع التي تسبب تورمًا في الدماغ أو حوله. مثل التهاب النُّسج التي تُغطِّي الدماغ (التهاب السحايا)، والعدوى الشديدة في مجرى الدَّم (الإنتان) 6- إصابة رضحية في رأس الرضيع، نتيجة حادث سيارة أو السقوط أو الإصابة الجسدية مثلاً. 7- نقص الأكسجين في الدماغ بسبب صعوبة المخاض أو الولادة، رغم أن هذا السبب أقل شيوعًا مما كان يعتقد سابقًا. 8-المستويات المرتفعة من البيليروبين في الدَّم تؤدي شكل من أشكال ضَرَر الدماغ يُسمى اليرقان النووي kernicterus ناتج عن ان بعض الأوعية الدَّموية رقيقةً وتنزف بسهُولةٍ في جزءٍ مُعيَّن من الدماغ. * أعراض الشلل الدماغي : تختلف أعراض الشلل الدماغي من خفيفة إلى شديدة، وقد تؤدي إلى تشوهات في ذراعي وساقي الطفل، مما يستدعي استخدام وسائل مساعدة على الحركة مثل الدعامات والعكازات والكراسي المتحركة. نظرًا لأن السبب وراء الشلل الدماغي قد يؤثر أيضًا على مناطق أخرى من الدماغ، فإن العديد من الأطفال المصابين بهذا الاضطراب قد يعانون من إعاقات إضافية، مثل الإعاقة الذهنية، والمشاكل السلوكية، وصعوبات في الرؤية أو السمع، بالإضافة إلى اضطرابات الصرع. هُناك أربعة أنواع رئيسية من الشلل الدماغي والتي تصنف حسب الأعراض وحجم الشلل: بالنسبة إلى جميع أشكال الشلل الدماغي، قد يكون من الصعب فهم الكلام وذلك لأن الطفل يُعاني من صعوبة في ضبط العضلات التي تُمارس دورًا في الكلام 1- الشلل الدماغي التشنجي: الشناج (spasticity) هو التيبس العضلي الذي يمنع الحركة الطبيعية. الشلل الدماغي التشنجي هو النوع الأكثر شيوعًا ويحدث عند 80٪ من الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. في هذا النوع، تكون العضلات متيبِّسة (متشنجة) وضعيفة.قَد يُؤثِّرُ التيبُّس في العديد من الأجزاء المختلفة من الجسم: -الذراعين معًا والساقينِ معًا (الشلل الرباعيّ quadriplegia) -الساقين أكثر من الذراعين (الشلل المزدوَج diplegia) في بعض الأحيان فقط ذراع واحدة وساق واحدة في جانبٍ واحدٍ (الشلل النصفيّ) -في حالاتٍ نادرة، فقط الساقين والجزء السفلي من الجسم (الشلل السفليّ paraplegia) يكون نماءُ الذراعين والساقين المُصابتين ضعيفاً، بالإضافة إلى التيبُّس والضعف،وقَد يمشي بعض الأطفال في حركة مُتَصالبة criss-cross motion، حيث تتأرجَح ساق على الأخرى (مشية المقصّ scissors gait)، وقد يمشي البعض على أصابع القدمين. قد يحدُث حول ( strabismus) أو كسل في العينين ومشاكل أخرى في الرؤية. يتأثَّر الأطفال الذين يعانون من الشلل الرباعي التشنجي بشكلٍ أكثر شدَّةً،وعادة ما تَكون لديهم إعاقة ذهنية (شديدة أحيانًا) بالإضافة إلى الاختِلاجَات وصعوبة البلع.قَد يشرقُ الأطفال الذين يعانون من صعوبة في البلع المُفرَزاتَ من الفم والمعدة ويرشفونها،ويُؤدِّي الرَّشف إلى التهاب الرئتين ويُسبب صعوبةً في التنفُّس،ويُمكن أن يُسبب الرشف المتكرر ضرراً دائمًا في الرئتين. يكون لدى العديد من الأطفال الذين يعانون من الشلل النصفيّ التشنُّجي أو الشلل المزدَوج مستوى طبيعيّ من الذكاء ويكونون أقلّ ميلًا للتعرض إلى الاختلاجات.وقد يُعاني الأطفال المصابين بشلل رباعي تشنجي من إعاقة ذهنية شديدة. 2- الشلل الدماغي الكنعي: الكَنَع athetosis هُوَ حركات لاإراديَّة ملتوية، يُعد الشلل الدماغي الكنعي (athetoid cerebral palsy) ثاني أكثر الأنواع شُيُوعًا، ويحدث عند نَحو 15٪ من الأطفال المصابين بالشلل الدماغي. في هذا النوع تكون حركة الذراعين والساقين والجسم تلقائيَّة وبطيئة ولاإراديَّة.كما قد تكون الحركات متلويَّة ومفاجئة ونفضيَّة أيضًا.يُؤدِّي الانفعَال الشَّديد إلى تفاقُم الحركات ويُؤدِّي النَّوم إلى أن تختفي. يكون لدى الأطفال ذكاء طبيعي عادةً ونادرا ما يُعانون من الاختلاجات، ومن الشائع أن تحدث صعوبة في نطق الكلمات بوضوح ويحدث هذا بشكلٍ شديدٍ غالبًا.إذا كان السبب هو اليرقان النووي، يكون الأطفالُ المصابون صماً غالبًا ويُعانون من صعوبة في النظر إلى الأعلى. 3- الشلل الدماغي الرنحيّ : Ataxic cerebral palsy الرَّنح Ataxia هو صعوبة في ضبط وتنسيق حركات الجسم، خصوصًا المشي. يُعد الشلل الدماغي الرنحيّ نادرًا. في هذا النوع، يكون التنسيق ضعيفًا والعضلات ضعيفة.تُصبح الحركات رعاشية عندما يحاول الأطفال الوصول إلى جسمٍ ما (نوع من الرعاش)،ويُواجهون صعوبة عندما يحاولون التحرك بسرعة أو القيام بأشياءٍ تحتاج إلى حركات دقيقة،ويكون المشي غير ثابت مع تباعد في الساقين. 4- الشلل الدماغي المختلط: Mixed cerebral palsy بالنسبة إلى النوع المختَلط، تحدث توليفة من النوعين المذكورين أعلاه، وفي معظم الأحيان التشنُّجي والكنعي.يحدث هذا النوع عندَ العديد من الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، قد يُعاني الأطفال الذين لديهم نوع مختلَط من إعاقة ذهنية شديدة. - علاج الشلل الدماغي: في العديد من الحالات، يتم التركيز على علاج الأعراض، مما يسهم في تحسين نوعية حياة المريض من خلال: - العلاج الطبيعي وتقنيات إعادة التأهيل - التدخلات الجراحية في الجهاز العضلي الهيكلي (مثل عمليات إطالة الأوتار) - أنواع مختلفة من العلاجات الدوائية ومع ذلك، فإن هذه العلاجات لا تحقق النتائج المرجوة، حيث إنها لا تؤثر على السبب الجذري للمرض، وهو ضمور الخلايا العصبية في الدماغ. * علاج شلل الدماغ باستخدام الخلايا الجذعية: الخلايا الجذعية الجنينية تُعتبر المصدر الطبيعي الوحيد لخلايا الأديم العصبي، وهي الخلايا التي تتطور إلى خلايا عصبية. يُعتبر استخدام هذه الخلايا في علاج الأمراض العصبية الأكثر فعالية مقارنة بأنواع الخلايا الجذعية الأخرى (مثل الخلايا البالغة، خلايا الحبل السري، والمشيمة). تتميز هذه الخلايا بقدرتها الاستثنائية على إنتاج خلايا عصبية جديدة وخلايا قليلة التغصن، مما يوفر للجسم المواد البيولوجية الضرورية لبناء أنسجة عصبية صحية. نتيجة لذلك، يكتسب النسيج العصبي فرصا وقدرات جديدة للنمو والتجدد، ما يقلل من منطقة الضمور بالدماغ. جميع المحاليل المستخدمة في علاج الشلل الدماغي تتكون من الخلايا الجذعية الجنينية. ومن خواصها المميزة تعزيز إفراز عدد كبير من عوامل النمو والكيموكينات (chemokines)، ما يؤدي إلى تمايز نشط للخلايا السلفية العصبية والحفاظ على نمو الخلايا العصبية الجديدة، وهو الأهم لتحقيق الأثر الإيجابي المتصاعد للعلاج. * مظاهر التحسن التي تظهر بمريض الشلل الدماغي بعد زراعة الخلايا الجذعية تشمل: -انخفاض في شدة الشلل الجزئي المركزي (Central Paresis) -انخفاض التوتر العضلي المرضي -زيادة التوازن -تتحسن المهارات الحركية الدقيقة (حركة الأصابع) -تتحسن مهارات الخدمة الذاتية -يزيد الانتباه و النشاط الذهني -تحسن الحالة النفسية والعاطفية (Psychoemotional). مع التزام المريض بالتوجيهات بعد العلاج، فستقل مظاهر الشلل الدماغي ما سيمنحه فرصة الحياة بقيود أقل مما سبق ذلك. * اجراءات العلاج: إذا كان الأطباء يشتبهون في الشلل الدماغيّ، يقومون بتصوير الدِّماغ، وغالبًا بالتصوير بالرنين المغناطيسيّ.حيث يُمكن من خلال هذا الفحص التصويري التحرِّي عن أيَّة تشوُّهات قد تكون السبب في الأعراض. كما يطرح الأطباء أسئلة أيضًا حول المشاكل في أثناء الحمل أو الوِلادة وحول مَسار النماء عندَ الطفل،وقد تساعد مثل هذه المعلومات على التعرُّف إلى سببٍ. لا تستطيع الفحوصات المخبرية التعرُّف إلى الشلل الدماغي، ولكن قد يستخدم الأطباء اختبارات الدَّم للتعرُّف إلى سبب والتحري عن اضطرابات أخرَى. إذا بقي السبب غير واضح أو إذا بدت مشاكل العضلات تتفاقم أو تختلف عن المشاكل التي يُسببها الشلل الدماغي عادةً، قد ينصح الأطباء بفحوصات إضافية، مثل الدراسات الكهربائية للأعصاب (دراسات التوصيل العصبي) والعضلات (تخطيط كهربية العضل electromyography) والاختبار الجيني. بعد التشخيص و دراسة الحالة يتم علاج الشلل الدماغي بالخلايا الجذعية من خلال زراعة بسيطة وسهلة للخلايا وبتدخل محدود، لا يمنع المريض من ممارسة حياته اليومية. مدة العلاج ستستغرق من 3 إلى 5 أيام، اعتمادًا على شدة الحالة.