التصلب الجانبي الضموري
التصلب الجانبي الضموري، المعروف أيضًا بمرض لو جيريج (نسبةً للاعب البيسبول الشهير الذي تأثر به)، هو حالة مرضية تتطور بشكل تدريجي وتؤثر على الخلايا العصبية الحركية في الدماغ والنخاع الشوكي، المسؤولة عن التحكم في حركة العضلات الإرادية. يُعتبر هذا المرض جزءًا من مجموعة من الأمراض التنكسية العصبية التي تشمل أيضًا مرض باركنسون ومرض الزهايمر. يسبب التصلب الجانبي الضموري موت الخلايا العصبية التي تتحكم في العضلات، مما يؤدي إلى ضعف تدريجي في العضلات وصعوبة في القيام بالأنشطة اليومية مثل المشي، والتحدث، والبلع، والتنفس. يستهدف هذا المرض العصبونات الحركية، المعروفة أيضًا باسم "العصبونات الحركية"، والتي تنقسم إلى مجموعتين. 1. المجموعة الأولى هي التي تمتد من الدماغ إلى الحبل النخاعي، ثم إلى العضلات مرورًا بجميع أجزاء الجسم، ويُطلق عليها العصبونات الحركية العلوية. 2. المجموعة الثانية وهي التي تمتد من الحبل النخاعي إلى العضلات مرورًا بجميع أجزاء الجسم. ويُطلق عليها العصبونات الحركية السفلية. يسبب التصلب الجانبي الضموري تدهورًا تدريجيًا في مجموعتي العصبونات الحركية، مما يؤدي إلى موتها. وعندما تتعرض هذه العصبونات للتلف، تتوقف عن إرسال الإشارات إلى العضلات، مما يجعلها غير قادرة على أداء وظائفها بشكل سليم. يؤثر هذا المرض على الخلايا العصبية الحركية في كل من الدماغ والحبل الشوكي. في الحبل الشوكي، يتسبب التصلب الجانبي الضموري في إتلاف الهياكل العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات من الدماغ إلى عضلات الجسم. تلعب الخلايا العصبية الحركية دورًا أساسيًا في التحكم في الحركات الإرادية، وعندما تتعرض للتضرر، يتعطل نقل الإشارات، مما يؤدي إلى ضعف العضلات والشلل. مع مرور الوقت، يتقلص الحبل الشوكي ويفقد قدرته على إرسال إشارات فعالة إلى العضلات، مما يؤدي إلى فقدان تدريجي للوظائف الحركية وانخفاض القدرة على الحركة وأداء الأنشطة اليومية. * أعراض التصلب الجانبي الضموري : تختلف أعراض التصلب الضموري الجانبي من شخص لآخر، وتختلف الأعراض باختلاف الخلايا العصبية المتضررة. يبدأ التصلب الضموري الجانبي عمومًا بضعف في العضلات ينتشر ويتفاقم مع مرور الوقت. وقد تتضمن الأعراض ما يلي: صعوبة في المشي أو أداء الأنشطة اليومية المعتادة. التعثُّر والسقوط. ضعف في الساقين أو القدمين أو الكاحلين. ضعف اليدين أو صعوبة التحكم في حركتهما. تداخُل الكلام أو مشكلات في البلع. ضعف مرتبط بتشنُّج في العضلات ووخز في الذراعين والكتفين واللسان. البكاء أو الضحك أو التثاؤُب في غير محلّهم. تغيرات التفكير أو السلوك. يبدأ التصلب الجانبي الضموري غالبًا بارتعاش العضلات وضعف في ذراع أو ساق وصعوبة في البلع أو التلعثم في الكلام. وفي النهاية يؤثر التصلب الجانبي الضموري في التحكم في العضلات اللازمة للحركة والكلام والأكل والتنفس و ممكن ان تسوء الحالة الى ان تصل الى الوفاة. لا يحدث عمومًا أي ألم خلال المراحل المبكرة من التصلُّب الجانبي الضموري. ولا يشيع الشعور بالألم في المراحل المتأخرة أيضًا. ولا يؤثر التصلُّب الجانبي الضموري عادةً على التحكُّم في المثانة. ولا يؤثر عادة أيضًا على الحواس، مثل القدرة على التذوق والشم واللمس والسمع. * أنواع التصلب الجانبي الضموري : يتم تقسيم مرض التصلب الضموري الجانبي إلى نوعين، وهما: 1. مرض التصلب الجانبي الضموري المشتت يوصف التصلب الجانبي الضموري على أنه من النوع المشتت أو المتقطع عندما يحدث لدى الأفراد الذين لا يوجد لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض. ويعد هذا النوع الأكثر شيوعًا لمرض التصلب الجانبي الضموري، حيث أنه يشكل ما يصل 95% من إجمالي عدد المصابين بهذا المرض. وعادًة ما تبدأ أعراض مرض التصلب الجانبي الضموري المشتت بالظهور في أواخر الخمسينيات أو أوائل الستينيات من عمر الفرد. 2. مرض التصلب الجانبي الضموري العائلي يحدث مرض التصلب الجانبي الضموري العائلي نتيجة لحدوث تغيرات وطفرات جينية لدى الفرد، وهو يشكل ما يقارب 5 - 10% من إجمالي عدد المصابين بهذا المرض. عادة ما يكون المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري العائلي لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالمرض أو حالة ذات صلة تسمى الخرف الجبهي الصدغي. ومن الممكن أن ينتقل هذا جين الإصابة بمرض التصلب الضموري الجانبي من الآباء إلى أطفالهم، حيث إذا كان أحد الوالدين لديه الجين الخاص بمرض ALS، فهناك احتمال 50% لكل طفل من الأطفال بامتلاك الجين والإصابة بالمرض. نادرًا ما تبدأ أعراض المرض بالظهور في مرحلة الطفولة أو المراهقة، وإنما تبدأ عادة في أواخر الأربعينات أو أوائل الخمسينيات من عمر الفرد. * اسباب التصلب الجانبي الضموري: لم يتم تحديد سبب التصلب الجانبي الضموري إلى الآن، حيث يمكن أن يحدث نتيجة لعوامل وراثية أو بيئية 1. أسباب وراثية - يوجد العديد من الطفرات الجينية التي يمكن أن تسبب الإصابة بمرض التصلب الجانبي الضموري العائلي، كما يمكن أن تساهم في تطور مرض التصلب الجانبي الضموري المتقطع، ومن هذه الطفرات الجينية: - طفرات جين C9orf72، وهو جين مسؤول عن إنتاج أحد البروتينات المتواجدة في الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي. والتي تكون سببًا لتطور 20 - 40% من حالات التصلب الجانبي الضموري العائلي وعدد قليل من مرض التصلب الجانبي الضموري المتقطع. - طفرات جين SOD1، والذي يعد مهمًا لعمل الخلايا العصبية الحركية والخلايا الأخرى، والتي تكون سببًا لتطور 12 - 20% من حالات التصلب الجانبي الضموري العائلي. - طفرات جين TARDBP أو جين FUS والتي تمثل حوالي 5 بالمائة من إجمالي الحالات. - ووجد حديثًا في عام 2021، أن الطفرات في جين SPTLC1 يمكن أن تتسبب بنوع نادر من التصلب الجانبي الضموري الجيني الذي يصيب الأطفال حتى سن 4 سنوات. لكن، إلى الآن لم يتم تحديد كيفية مساهمة هذه الطفرات الجينية في موت الخلايا العصبية الحركية، ولكن يحتمل أنها تتسبب بما يلي: - تراكم كتل البروتين (الركام) داخل الخلايا العصبية. - تعطيل تطور المحاور العصبية، وهي الامتدادات المتخصصة للخلايا العصبية الحركية التي تنقل النبضات العصبية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إعاقة انتقال الإشارات من الأعصاب إلى العضلات. - إبطاء نقل المواد اللازمة للوظيفة المناسبة للمحاور في الخلايا العصبية الحركية، مما يؤدي في النهاية إلى موت الخلايا العصبية الحركية. - منع وتقليل تكسير المواد السامة، مما يؤدي إلى تراكمها في الخلايا العصبية وتسببها بإتلاف الخلايا العصبية الحركية وموتها. 2. أسباب بيئية - التعرض لصدمات ميكانيكية أو كهربائية. - ممارسة مستويات عالية من التمارين. - التعرض لكميات عالية من الكيماويات الزراعية. - التعرض لمستويات عالية من مجموعة متنوعة من المعادن الثقيلة. - التدخين. 3. العوامل الأخرى التي يمكن أن يكون لها دور في الإصابة بمرض التصلب الضموري الجانبي ما يلي: - استجابة مناعية غير منظمة والتي تتسبب بمهاجمة الجهاز المناعي للخلايا العصبية. - ارتفاع مستويات الجلوتامات، وهو ناقل كيميائي في الدماغ يتواجد بالقرب من الخلايا العصبية الحركية، ومن الممكن أن تتتسبب المستويات العالية منه بتسمم الخلايا العصبية. - زيادة الإجهاد التأكسدي والذي يتسبب بزيادة مستويات الجذور الحرة في الجسم، والتي يمكن أن تتلف الخلايا العصبية الحركية. - اضطرابات الميتوكوندريا. - التهاب الأعصاب. 4- عوامل تزيدخطر الإصابة بالتصلب الجانبي الضموري - العمر، حيث تظهر أعراض التصلب الجانبي الضموري عادة في الأعمار التي تتراوح ما بين 55 - 75 عامًا، ولكن يمكن أن تظهر أعراض مرض التصلب الجانبي الضموري عند الشباب. - الجنس، حيث يعد مرض التصلب الجانبي الضموري أكثر شيوعًا لدى الرجال في سن ما قبل 65 عامًا، بينما تصبح احتمالية الإصابة به لدى الرجال والنساء متساوية بعد سن 70 عامًا. - العرق: فمن الممكن أن تزداد احتمالية الإصابة به لدى الأفراد القوقازيون وغير الأسبان، لكن هذا لا يعني أنه لن يصاب به الأفراد الآخرون أيضًا. * علاج التصلب الجانبي الضموري: عادة ما يهدف علاج مرض التصلب الجانبي الضموري إلى تخفيف الأعراض، ومنع حدوث المضاعفات، وإبطاء تقدم المرض لدى المريض مثل: - مسكنات الألم. - مرخيات العضلات. - أدوية تقلل من تطور المرض، مثل الإدارافون والرايلوزول. - العلاج الطبيعي، الذي يساعد على إدارة الألم وتحسين الحركة. - العلاج الوظيفي. - علاج النطق. - التنفس الصناعي. علاج التصلب الجانبي الضموري بالخلايا الجذعية: تُعتبر تقنية علاج الأمراض باستخدام الخلايا الجنينية فعّالة في معالجة هذا المرض وأعراضه، التي تشمل فشل الجهاز التنفسي وصعوبة البلع. يُساهم العلاج بالخلايا الجذعية في إطالة عمر المرضى المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري، حيث يمكن أن يمتد هذا العمر في بعض الحالات لأكثر من ست سنوات، مما يُحسن نوعية حياتهم ويعيد لهم القدرة على العمل جزئيًا مع الحفاظ على أعلى مستوى ممكن. يمكن تحقيق نتائج إيجابية ملحوظة بعد العلاج بالخلايا الجذعية الجنينية، خاصة إذا تم بدء العلاج في المراحل المبكرة من المرض، مما يُتيح الوصول إلى فعالية تصل إلى 67%. بعد تلقي العلاج، يُلاحظ مرضى التصلب الجانبي الضموري انخفاضًا في الشعور بالضعف وتقلصات العضلات، بالإضافة إلى تحسن في الشهية والمزاج العام. كما يظهر تحسن في ليونة العضلات وزيادة في نطاق الحركة في الأطراف، مما يُسهم في تحسين الحالة النفسية وزيادة ردود الأفعال الطبيعية، فضلاً عن تعزيز القدرة على أداء الأنشطة اليومية. أيضًا، يُلاحظ تحسن في القدرة على البلع والتعبير، حيث يتمكن 34% من المرضى من نطق الكلمات بشكل أوضح. إن العلاج بالخلايا الجذعية الجنينية يُحقق تأثيرًا إيجابيًا ملحوظًا على حياة المرضى.